علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالمملكة العربية السعودية في مرحلة التأسيس الثنائي
أسامة الصياد
لا شك وأن علاقة جماعة الإخوان المسلمين كأكبر قوى الإسلام السياسي السني بالمملكة العربية السعودية كدولة ذات ثقل سني علاقة تأثير وتأثر، لذا يلزم رصد مراحل تطورها والدينماكيات التي تحكمها بمحدداتها منذ نشأتها وحتى الوضع الحالي.
المدرسة السعودية وتيار الإخوان المسلمين على الترتيب مشتركان في قضية تسييس الفكرة الدينية أو تديين الفكرة السياسية لذا مرت العلاقة بينهما بنوع من الدعم الإنشائي في بادئ الأمر الذي تحول بمرور الوقت إلى التنافس المشروعي بين مشروع المملكة العربية السعودية ومشروع التنظيم الإخواني العالمي بصبغته الإسلامية السنية.
المملكة العربية السعودية اتكأت في نشأتها السياسية على خلفية فكرية دينية تستمد منها قوة روحية لسلطة السعوديين –النظام الناشئ-، وهي المشروع الوهابي الذي انتهى بإنتاج الدولة السعودية في تحالف بين آل سعود (السلطة) والفكر الوهابي (الدين) الذي أنتجه محمد بن عبدالوهاب في ذلك الوقت وعليه بدأت معالم الدولة السعودية تتضح وفقًا لهذا التحالف.
ظهر هذا المنتج السعودي بنسخة أولية عام 1926 بعدما بلوره عبدالعزيز آل سعود بتوحيد بلاد الحجاز تحت راية السعوديين أصحاب النفوذ والسلطة المدعومين بالسلطة الدينية الوهابية، تلك البلاد التي تحولت إلى اسم المملكة العربية السعودية عام 1932.
في نفس المرحلة التاريخية وفي سياق مختلف نسبيًا نشأت جماعة الإخوان المسلمين بعد سقوط الدولة العثمانية عام 1923 بعد توقيع معاهدة لوزان في سويسرا بين تركيا -وريثة الدولة العثمانية- وبين القوى المنتصرة في الحرب والتي حددت حدود دولة تركيا الحديثة على الشكل الحالي.
كان سقوط آخر دول ما يُعرف بالخلافة الإسلامية الجامعة أحد بواعث نشأة تيار الإخوان المسلمين الذي بدأ كحركة اجتماعية أسسها الشيخ حسن البنا عام 1928، والذي عرف "إسلام الإخوان المسلمين" في رسالة المؤتمر الخامس أنه "عقيدة وعبادة، ووطن وجنسية، وروحانية وعمل، ومصحف وسيف".
فيما وصل المشروع السعودي بالفعل إلى مرحلة الدولة والحكومة في ذلك الوقت وبدأ في نشر أفكاره القائم عليها "السلفية الوهابية" بينما كانت أفكار جماعة الإخوان المسلمين ما زالت تحبو إلى الجماهير في ذلك الوقت بلا دولة أو نظام.
اللقاء الأول بين مؤسس الجماعة والسعودية
أول بدايات احتكاك مؤسس الجماعة حسن البنا بالسعودية كان فكريًا عن طريق الفكر السلفي العام الذي تبناه النظام السعودي، والذي انتقل للبنا عبر والده الذي كان يعمل على ترتيب مسند الإمام أحمد المسمى بـ «الفتح الرباني» وهو مشهور لدى التيارات السلفية، وأهل الحديث منهم بالتحديد.
تطور في الاتصال
أنشأ حسن البنا نواة جماعته وانتقل بها من محافظة الإسماعيلية إلى ربوع مصر، وقد كان الإخوان في ذلك الوقت يسعون إلى الاتصال برجال الدين والسياسة في الدول العربية والإسلامية رغبة في إيصال فكرتهم وتبليغها إلى أكبر عدد منهم، وهو ما ظهر في عدة زيارات ورسائل متبادلة بين جمعية الإخوان المسلمين ومسؤولين سعوديين، وقد توج هذا التواصل بعد محاولة الاعتداء على الملك عبد العزيز بن آل سعود في الحرم، والتي قرر المجتمعون في المؤتمر الثالث لجماعة الإخوان المسلمين عام 1934«بأن يرفع مكتب الإرشاد باسمهم التهنئة الخالصة للملك عبد العزيز آل سعود على نجاته، واستنكار هذا العدوان الأثيم».
و بدأت السعودية تتعرف على حركة الإخوان المسلمين من خلال مؤسسها الشيخ حسن البنا الذي عمل على تعميق علاقة الحركة بالمملكة العربية السعودية، وقد ظهر ذلك في رحلات الحج التي نسقتها الجماعة فيما بعد والتي توالت في الأعوام التالية لهذا التاريخ، وقد ظهر الحرص على هذه العلاقة بين الطرفين في استقبال الإخوان المسلمين الملك عبدالعزيز آل سعود أثناء زيارته لمصر عبر فرق الجوالة بالجماعة.
ظلت العلاقة في ذلك الوقت محددة بعلاقة دولة وليدة تتخذ من السلطة الدينية ظهيرًا لها في الحكم بحركة إسلامية وليدة أيضًا في مصر تتلقي معها في كثير من الأمور الدعوية تحديدًا دون بروز مزيد من مجالات الاحتكاك المباشرة.