النظام المصري الوليد لم يكن عند حسن ظن السعوديين الجدد للنهاية
أسامة الصياد
ظلت الأجندة السعودية المصرية موحدة طيلة حكم الملك عبدالله إلى وفاته، والتي كانت تضع على رأس أولوياتها محاربة تنظيمات الإسلام السياسي في المنطقة مقدمة هذه الخطوة على مما سواها.
بعد وفاة الملك عبدالله تولي الملك سلمان ورجاله دفة القيادة، اختلفت الأولويات إلى حد ما، وظهرت السياسة الخارجية بحلة جديدة بضغط الظروف الإقليمية، فقد بدأت إيران في الوصول إلى حل تفاوضي مع الغرب بشأن برنامجها النووي، وعليه فإن النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة بدأ يتصاعد، خاصة في سوريا، بالتزامن مع زيادة انخراط السعودية في الصراع السوري.
ظهرت حاجة السعودية في ذلك الوقت إلى تدشين تحالف سني لمواجهة زيادة الضغط الإيراني، وعليه فإنها بدأت تخفف من حدة المواجهات مع جماعة الإخوان المسلمين إقليميًا، وبدأت تضع الخطر الإيراني على مقدمات أولوياتها بعدما دخلت حربًا في اليمن، وتستعد لأخرى في سوريا.
على الجانب الآخر كان الحليف المصري منشغلًا بالصراع مع جماعة الإخوان المسلمين وحركات الإسلام السياسي في المنطقة، ولم يمتثل للرغبة السعودية في تأجيل هذا الأمر وتقديم العون والمساعدة في حرب اليمن.
اشترك المصريون بقدر غير محسوس في هذه الحرب، وهو ما بدأ على إثره خلاف مصري سعودي مكتوم في الأولويات، في الوقت الذي تطلب فيه مصر تنفيذ ضربات عسكرية في ليبيا على الإسلاميين هناك، بينما تقابل السعودية هذا الطلب بالرفض القاطع في هذا التوقيت.
بالإضافة إلى تصاعد وتيرة الهجوم على المملكة في الإعلام المصري الذي تحركه الأجهزة الأمنية، ما يعني أن ثمة ضوء أخضر من النظام لمهاجمة السعودية.
في المقابل اتخذت السعودية خطوات تهدئة مع جماعة الإخوان المسلمين أثارت غضب النظام المصري، من بينها اتصالات مع إخوان اليمن للتنسيق في الحرب ضد الحوثيين، وكذلك استقبال وفود من حركة حماس "إخوان فلسطين" في محاولة لاجتذاب الحركة إلى الجانب السعودي من الطرف الإيراني، في محاولة لبناء تحالف سني تواجه به الصراع الإقليمي مع إيران.
مع تراجع دور جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد الضربات الأمنية المتلاحقة من نظام السيسي باتت الجماعة في حاجة إلى راع إقليمي لاستكمال المواجهة أمام النظام، فقامت دولتا قطر وتركيا بهذا الدور ولكن هذه المواجهة مع مرور عامين وأكثر على الانقلاب العسكري لم تفض إلى تغيير الأوضاع.
لجأت الجماعة إلى البحث عن حلول إقليمية للأزمة لكن الظرف الإقليمي لم يكن يضع الوضع المصري على رأس قائمة أولوياته، فالقضية السورية واليمنية تقدمت مقابل تراجع القضية المصرية التي قبل الإقليم بنتيجتها النهائية التي أسفرت عن صعود نظام الجيش في مصر.
في هذه الأثناء تأمل الجماعة أن تجد لها دورًا في ظل التباينات الحادثة بين النظام المصري والسعودية، كما تريد استغلال حاجة السعودية إلى حلفائها من السنة مجددًا لمواجهة المد الإيراني المتزايد في المنطقة، لذا فإن الجماعة مدت جسور إلى الرياض عبر إخوان اليمن وحركة حماس، وكذلك في التقارب التركي السعودي الأخير، علمًا بأن تركيا هي الملاذ الوحيد الآمن للجماعة بعد تراجع الدعم القطري إلى حد بعيد جراء التسوية الخليجية الداخلية.
خاتمة:
من هذه الورقة البحثية يتضح أن العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والمملكة العربية السعودية علاقة حكمتها قوانين المنافسة منذ النشأة حتى الآن، ولكن لم ترد المملكة العربية السعودية لهذه العلاقة أن تخرج من إطار التبعية وتكميل الأدوار والاستخدام لجماعة الإخوان المسلمين، وعند تخطي الجماعة حدود هذا الإطار، فإن المملكة تلجأ إلى الترويض العنيف كما حدث في انقلاب الثالث من يوليو بعد وصول الجماعة إلى الحكم ومنافستها للمشروع السعودي إقليميًا.