اقرأ في هذا المقال

ومع صعود نجم الإخوان والتيار الإسلامي عامة ازداد تخوف الكنيسة من الجميع وعمقت شعور التهميش لدي إتباعها من المسيحيين خاصة الأرثوذكس

ورغم محاولات الإخوان طمأنة الاقباط والكنيسة فقد فشل كل ذلك ، فلم يجدي مشاركة حزب الإخوان الحرية والعدالة في تهنئة الاقباط بوفد ذهب للكنيسة في أعياد الميلاد مطلع 2012 كان علي رأسه الدكتور محمد مرسي رئيس الحزب انذاك

كل ذلك الإنحطاط التاريخي للكنيسة في مصر ساهم بلا شك في زيادة الفرقة والقطيعة بين الاخوان والكنيسة

مباديء حزب الحرية والعدالة الذي أسسه الإخوان بعد سقوط نظام مبارك قامت علي إعلاء قيم المواطنة

 

القسم الثاني-مابعد ثورة ینایر

الإخوان والكنيسة...قراءة في تفاصيل التقارب والتأصيل الفقهي

القسم الثاني: مابعد ثورة ینایر

عبدالحميد قطب

 

مابعد 25 يناير

 

لم يكن يخفي علي المتابع للمشهد العام في مصر تخوف الكنيسة وريبتها بعد سقوط مبارك ، وقد ثبت من قبل وقوف الكنيسة الي جانب التوريث لنجل مبارك وعدم تأييد الثورة واعتصام التحرير قبل التنحي لأن عصر مبارك اعتبرعصرا ذهبيا للكنيسة استطاع بطريرك الكنيسة شنودة انتزاع إمتيازات عديدة وغيرمسبوقة للنصاري والكنيسة وكان مبارك علي غير سابقه السادات الذي "حجم" من تغول شنودة وطموحه اللامحدود بينما أبدي مبارك خنوعا له ومحاولة لكسب الأمريكان من خلال الكنيسة ، لذا استنكرت الكنيسة الثورة وأن انضم بعض المسيحيين إليها بدافع من الحس الوطني ، ومع صعود نجم الإخوان والتيار الإسلامي عامة ازداد تخوف الكنيسة من الجميع وعمقت شعور التهميش لدي إتباعها من المسيحيين خاصة الأرثوذكس ، وقد ظهرذلك في استفتاء 19مارس 2011حول التعديلات الدستورية والنزول الطائفي للمسيحيين حتي أملا في عدم سيطرة الإسلاميين وعلي رأسهم الإخوان وربما نجحو في إلغاء المادة الثانية من الدستور باعتبار الإسلام دين الدولة كفرصة في ظل تشجيع المجلس العسكري لذلك ، كما اتضح فيما بعد للوقيعة بين الشعب والتخطيط الانفراد بالسلطة كما حدث بالفعل بعد إزاحة الاخوان من الحكم، وتكرار أحداث العنف بين مسلمين ومسيحيين كان مخططا له لتخويف النصاري من نفوذ الإسلاميين كما حدث في المنيا واطفيح ومنشية ناصر بشكل مثير للجدل والتساؤل لماذا هذا الأحداث في هذه الفترة ؟ بينما ايام الثورة في غياب الأمن لم يتم الاعتداء علي كنيسة واحدة ولا أي من ممتلكات الاقباط وكان مشهد المسلمين والمسيحيين في التحرير مبهرا ، لكنه كان نفس فكر مبارك الذي كان يصنع الأحداث الطائفية كحادث القديسين بالإسكندرية ليستفيد بها نظامه وهو ما طبقه المجلس العسكري الذي نجح في تخويف المسيحيين والكنيسة من حكم الإخوان .

ورغم ان المجلس العسكري سحق جماجم المسيحيين في ماسبيرو والتي لم تكن الا محاولة لإثبات الوجود القبطي في المشهد بعد الثورة .

 

فترة حكم الإخوان

لم تنجح رسائل الطمانة من الاخوان للمسيحيين حيث لعب الإعلام ولعبت الكنيسة علي افزاعهم وترويعهم من كل الإسلاميين وفي القلب الإخوان ، لذلك كان انحياز الكنيسة وأغلب المسيحيين لإسقاط حكم الرئيس مرسي واضحا بل وقادت الكنيسة صناعة القلاقل للرئيس مرسي بالتعاون مع أجهزة الدولة ولم تكن ميليشيات البلاك بلوك وبعض الحركات ذات الطابع المسلح والعنيف والذي إفرز شباب الكنيسة المدربين وأجيال شنودة التي صنعها علي عينه للحظة المواجهة، حتي ان اتهام الكنيسة ودور رجلها نجيب ساويرس بامواله في المكايدة والمشاركة في أحداث الاتحادية وما تردد عن قتل مليشيات الكنيسة للضحايا من أجل نسبها للإخوان وحرق مقرات الإخوان ،كل ذلك كان للكنيسة دور القيادة فيه بالتنسيق مع الأجهزة التي كانت تخطط للسيناريو الذي نعيشه الآن .

ورغم محاولات الإخوان طمأنة الاقباط والكنيسة فقد فشل كل ذلك ، فلم يجدي مشاركة حزب الإخوان الحرية والعدالة في تهنئة الاقباط بوفد ذهب للكنيسة في أعياد الميلاد مطلع 2012 كان علي رأسه الدكتور محمد مرسي رئيس الحزب انذاك وقبل وفاة شنودة ، كما كان مشهد حضور الأنبا بوخوميوس القائم مقام البطريرك في حفل تنصيب مرسي في30/6عام 2012الا مجرد حضور شكلي أما في القلب والنفس أشياء أخري.

 

دور الأقباط في الأنقلاب

 

لقد كانت فكرة اليسار والوفد والناصريين بالتعاون مع الجيش والأجهزة لإسقاط حكم مرسي هي "التيار الشعبي " في مواجهة الحشد الكبير للتيار الإسلامي ومن هنا تكفلت الكنيسة بتوفير ذلك الحشد والزخم لصناعة مسرحية 30/6 ولإيهام العالم بأنها احتجاجات شعبية ضد الإخوان والرئيس مرسي وليست انقلابا عسكريا، فالتقديرات تقول ان لايقل عن مليوني مسيحي الي ثلاثة ملاييبن شاركوا بالأمر والجير من الكنيسة في 30/6 والنزول للتحريرو الاتحادية جاءوا علي نفقة الكنيسة وساويرس من كل المحافظات لصناعة المسرحية الثورية الهابطة لإسقاط الرئيس مرسي وحكم الإخوان والتخلص الدموي من الاسلامييبن عامة في جريمة لن ينساها التاريخ ولا الذاكرة الوطنية حيث أن دور الكنيسة في إنجاح الثورة المضادة ودحر ثورة 25يتاير وقتل الحلم في غدا أفضل في حرية وكرامة وعدالة اجتماعية ودورها في واد المسار الديمقراطي كل ذلك لن ينسي ولن ينمحي، وكان مشهد حضور بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الأنبا المتعصب تواضرس لبيان 3/7الذي أدخل البلاد النفق المظلم تأكيدا علي استعار الحقد والغل والكره لدي الكنيسة تجاه التيار الإسلامي وفي القلب منه جماعة الإخوان المسلمين ،علي أن تصاعد نبرة الشماتة والفرح في إزاحة الاخوان وعقب كل مذبحة ضد الإسلاميين خاصة مذبحة رابعة ، كان بمثابة أعلي درجات التطرف الانتقامية بل والغاشية من جانب الكنيسة المصرية تجاه الإسلاميين والإخوان خاصة، علي أننا لا ننكر دور الوطنيين المسيحيين في رفض الانقلاب علي الرئيس المنتخب محمد مرسي وهو الموقف الذي لن ينساه لهم التاريخ أيضا.

 

إمتيازات الكنيسة بعد الأنقلاب

 

بالطبع كانت القطيعة هي سمة العلاقة بين الإخوان والكنيسة خاصة بعد كل ما صدر عن الكنيسة ضدهم ودور الكنيسة الفاعل والأساسي في كل مآسي الإخوان والتيار الإسلامي الان بل وكل مآسي المسلمين في مصر في ظل حكم السيسي ،وعلي ما يبدو أن الكنيسة مازالت متمسكة بدعم الأخير رغم فشله الذريع والذي افقده كل حلفاء 30/6 لكن في المقابل أصبح صوت الكنيسة عاليا ولا يخفي دور الكنيسة في كل الحملات التي تشن لحصار الروح الاسلامية ، ولعل فضيحة الخطاب الشهير من المتعصب تواضرس الي السيسي يشكو إليه انتشار الملصقات التي تدعو للصلاة علي النبي  صلي الله عليه وسلم في الشوارع وأن ذلك يغضبهم ويذكره بدور الكنيسة في وصوله للسلطة والتخلص من الإخوان، وهو الذي دفع نظام السيسي في حملة مسعورة بتغريم ومحاربة ملصق هل صليت علي النبي ، وهو ما دعا البعض الي القول بأن الكنيسة باتت تحكم مصر الاسلامية في احط مراحل التاريخ لهذا الوطن، ولعل سفر تواضرس علي متن طائرة السفير الإسرائيلي الي القدس مخالفا أحد المبادئ التي أعتز بها سابقه شنودة بعدم زيارة القدس إلا بعد تحررها تأكيدا للثوابت الوطنيه والقومية، كل ذلك الإنحطاط التاريخي للكنيسة في مصر ساهم بلا شك في زيادة الفرقة والقطيعة بين الاخوان والكنيسة وحمل أقباط مصر تاريخا فوق كاهلهم بشق الصف الوطني والتسبب في كل الخراب الذي تعيشه مصر الآن ، لا للشيء إلا لرؤية خاطئة وتخوف لا أصل له لدي قيادات كنسية متعصبة حاقدة من التيار الإسلامي والاخوان المسلمين ، ولعل تحذيرات المفكر القبطي الكبير الدكتور رفيق حبيب ابن رئيس الطائفة الإنجيلية السابق صموئيل حبيب ما تأكدت بالفعل وهو الرجل الذي قبل أن يعمل مستشارا لمرشد جماعة الإخوان لسنوات طويلة ونائبا لرئيس حزب الحرية والعدالة لتأكيد سماحة نظرة الإخوان الي المسيحيين في مصر .

 

ورغم كل مواقف الكنيسة العدائية تجاه التيار الإسلامي والاخوان خاصة وصولا للتشجيع الدولة علي اعتبارهم جماعة إرهابية ومصادرة املاكهم في لجنة رئيسها قاض نصراني متعصب الي موقف رئيس لجنة الاستفتاء علي دستور الانقلاب الذي امتدح فى ديباجته ومقدمته الإنجيل بما يوحي بدور الكنيسة في صياغته حديث ذكر رئيس لجنة القضائية للاستفتاء علي الدستور وبكل حقد وكره صريحين أن شعوره بالمصدر الآن كشعور المنتصرين الصليبيين بسقوط حكم المسلمين في الانظلس

ورغم كل ذلك ، لم يدعو الإخوان حتي يومنا هذا للثأر من الكنيسة او المسيحيين ، بل هناك تمييز واضح في لغة الإسلاميين عامة والاخوان خاصة بين مواقف الكنيسة المؤسفة وبين رعاياها الذين يكتتوون الآن بنيران نكبات حكم السيسي لباقي أفراد الشعب. ولم تثبت دعوتهم للانتقام من الاقباط او ممتلكاتهم أما ما وقع من اعتداءات عقب فض رابعة وذبح الآلاف من الإخوان ونصار الشرعية فاغلبه مدبر..الإيحاء بعنف الإخوان وبعضه غضب شعبي تلقاءي لم يثبت تورط الاخوان فيه..حتي وان لفق الأمن والنظام لهم التهم في التورط في هذه الاعتداءات .

 

دفع الجزية

 

أخير .. تبقي مسألة دفع الاقباط الجزية ووجهة نظر الإخوان فيها، فكما سبق واشرت الي التصريح الشهير للمرشد الأسبق للإخوان مصطفي مشهور حول ضرورة دفع المسيحيين الجزية من باب تطبيق الشرع و لأنهم في كنف دولة الإسلام يدفعون الجزية مقابل الدفاع عنهم ، ولا تجوز مشاركتهم في الجيش الإسلامي، وهو ما أثار ضجة عام 1997ورغم ان الشيخ الفقيه الأزهري الإخواني سيد سابق قال كلاما قريبا من ذلك في مؤلفاته الفقهية وهو القريب من مؤسس الجماعة الإمام الراحل حسن البنا والمحلل إليه، لكن هذه المسألة وأن لفها الغموض في التفسير احيانا ، ومحاولة التوفيق بين الحكم الشرعي وفقه الواق ووضع المسيحيين الآن في مصر واختلاف الظروف لكننا نجد انها لم تكن هذه المسالة قاطعة قاصمة للعلاقة بين الاخوان والكنيسة مثلما هو الحال الآن بعد تورط الكنيسة المفضوح في الانقلاب و إسقاط الرئيس المنتخب ، كما ان كل سلوكيات الإخوان أفعالهم تدفع لطمانة الكنيسة والمسيحييبن لا من باب المكسب السياسي فقط لكن من باب شرعي باعتبارهم اهل ذمة لهم حقوق أقرها الشرع الحنيف وهو ما وضح في رسائل وأفعال البنا كما سبق واشرت..كما نري أن فقهاء ينتمون للإخوان تحدثوا عن أمر الجزية بمفهوم أوسع وأكثر انفتاحا كما جاء في كتاب الدكتور محمد عبد الله الخطيب ، "المقيمون في دار الإسلام "، حيث يؤكد أن لهم حسن المعاملة تحت راية دار الإسلام التي تضم الجميع وأنهم معصمون الدم والمال ،وهو ما أشاد به كتاباته الدكتور وليم سليمان قلادة..كما نري ان فقيه ينتمي للجماعة أيضا يعد مفتيها وهو الدكتور عبد الرحمن البر.يري رأيا منفتحا في معاملة المسيحيين وهذا آخر اجتهادههم حتي اواختهم من الحكم ..ومن ذلك فتواه بجواز تهنئة الاقباط في أعيادهم و أفراحهم ما لم تتعارض مع أمر عقائدي مثل عيد القيامة حيث لا يجوز تهناتهم بقيامة المسبح لأن ذلك مخالف لعقيدة المسلمين لكن في المجمل الرجل يدفع باتجاه التسامح معهم وحفظ حقوقهم والعدل معهم..كما نري ان الموقف السياسي للإخوان مع صعودهم لسدة الحكم لم يكن عدائيا تجاه الاقباط ولا الكنيسة بل أن مباديء حزب الحرية والعدالة الذي أسسه الإخوان بعد سقوط نظام مبارك قامت علي إعلاء قيم المواطنة وهو اعتبار الاقباط شركاء في الوطن لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات وعلت الأصوات الاسلامية عامة بعد الثورة التي تري أن الجزية غير ملزمة للأقباط في مصر في هذا العصر خاصة وأنهم يشاركون في الخدمة العسكرية والجيش ومن ثم فهم مع المسلمين في الدفاع عن الوطن فلا تجب عليهم جزية لأن الدفاع عنهم في دولة الإسلام كان السبب الرئيسى لدفعها ..

 

Powered by TayaCMS