الحكومة الدينية-2 (ولاية الفقيه ) ولاية الفقيه حسن رحیم پور ازغدی فلا يوجد أدنى تشابه بين ولاية الفقيه وحكومة رجال الكنيسة في القرون الوسطى المسيحية. وهناك حدود وفروق واضحة تُميّز ولاية الفقيه عن حكومة الكنيسة وحتى الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية. صحيح أنها تُشبهها من بعض الأوجه ولكن هناك فروق واضحة تميّزها عن سائرالحكومات. إن الحكومة الدينية في تعريف ولاية الفقه، عبارة عن ولاية الفقيه الذي يبايعه أغلبية الناس. والأصل في هذا النظام هو نشرالمعارف والقيم الأخلاقية الإلهية وسيادة القرآن وتطبيق أحكام الشريعة، طبعا بالمقدار الذي يتيسر ويمكن للحكومة وبما يوافق وسع المجتمع. ليست الحكومة الدينية هي التي ترى نفسها مسؤولة في الدفاع عن دين معين ولاترى لنفسها مسؤولية دينية وإلهية في شؤون الناس أو تتقاعس عن مسؤوليتها تجاه الناس. إن الحكومة الدينية من منظور ولاية الفقيه وهذه التجربة الشيعية الإيرانية في تأسيس الحكومة الإسلامية تعتمد على معيار أساسي وهو مرجعية الإسلام في إدارة المجتمع وجميع ساحاته السياسية والاقتصادية. أي أن الحكومة ومؤسسات الدولة مسؤولة أمام الله عزّ وجل كما أنها مسؤولة أمام الناس أيضا. إنها مسؤولة عن مدى التزامها بنشر التعاليم الدينية وتحقيقها وإقامة العدالة الاجتماعية وتحقيق الأحكام الأخلاقية. أي إن الحكومة تسعى إلى تأسيس مجتمع ديني وتعزيزه، ليست الحكومة هدفا بل إنها أداة لتحقيق المجتمع الديني والتمهيد لنشر التوحيد وتحقيق العدالة في العلاقات الاجتماعية والفردية. ولتقترب العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية من التعاليم الإسلامية أكثر وأكثر. إن ولاية الفقيه وتجربة الحكومة الدينية الشيعية امتداد لقوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) (الآية رقم ستة من سورة الأحزاب) ويجب أن تكون محاولة لتحقيق الآية الشريفة: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله) (الآية رقم مئة وخمسة من سورة النساء) إنها امتداد لقوله تعالى ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ( الآية رقم تسعة وخمسين من سورة النساء) ولتحقيق الطاعة والتسليم لأوامر الله. قال تعالى: (فلا وربك لايؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (الآية رقم خمسة وستين من سورة النساء)