اقرأ في هذا المقال

اتجهت بعض التيارات والأشخاص إلى التساهل والتهاون

توجد تيارات وأشخاص يعتقدون بالعمل وفق ظواهر الروايات والأحاديث التي وصلتنا من أهل البيت وفي كل الأمور.

أن الشريعة تعتمد على الاجتهاد العقلاني والأخلاقي والصحيح لتنظيم الوقائع المادية على ضوء المعايير والمحاسبات الإلهية والماورائية.

الحكومة الدينية-4 (التحدي بين الأصولية والبراغماتية)

التحدي بين الأصولية والبراغماتية، الشريعة تعتمد على الاجتهاد العقلاني والأخلاقي والصحيح لتنظيم الوقائع المادية على ضوء المحاسبات الإلهية

حسن رحیم پور ازغدی

من الطبيعي أن تظهر التساؤلات والتحديات النظرية. ولكن كيف استمرت هذه التحديات النظرية في تجربة الثورة الإسلامية في إيران؟ سأشير إلى بعض هذه التحديات.

أولا التحدي بين الأصولية والبراغماتية. وهذا خلاف كان ولايزال قائما بين جميع المتدينين بأشكال مختلفة، وهو موجود بين جميع المسلمين وكذلك في المجتمع الشيعي في إيران. هذا الخلاف مازال موجودا وبأشكال مختلفة.

من المتطرف؟ ومن المتساهل والمتهاون؟ ما هو الاعتدال؟ وما هو الفكر المتطرف وما هو الفكر العادل والمعتدل؟ طبعا هذا نقاش قديم. والمسألة التالية هي أن التجربة العملية والتاريخية لتحقيق الحكومة الإسلامية وأي حكومة مبدئية أخرى تتجه على الأرض إلى نظرة مبنية على الواقع ومن ثَمَّ تتحول إلى الواقعية والاستسلام للواقع في بعض الحالات ويتحول الإنسان الأصولي إلى إنسان براغماتي. وهذا السؤال كان يُطرح منذ البداية.

لقد اتجهت بعض التيارات والأشخاص إلى التساهل والتهاون في الفتاوى بحجة المصالح والنظرة الواقعية وحاولت إرضاء الجميع سواء أكانوا معارضين أو موافقين. وغيّرت بعض الأحكام الإسلامية القطعية وسمّت ذلك بالتجدد والتنوير والانفتاح. ومن جهة أخرى توجد تيارات وأشخاص يعتقدون بالعمل وفق ظواهر الروايات والأحاديث التي وصلتنا من أهل البيت وفي كل الأمور. وهم يعارضون النقاش في أسناد الروايات ويخالفون اللجوء إلى التحليل العقلي عند المقارنة بين الروايات. كما يقولون بأننا لانستطيع تمحيص الروايات بالقرآن. وذلك لوقوع بعض المشاكل في نوع الدلالة والمفاهيم.

ولذلك، إذا أردنا أن نقوم بإنشاء المجتمع والحكومة فإن الحقائق الموجودة على الأرض ستجبرنا على التراجع عن بعض الأحكام الشرعية.

استطاعت الثورة الإسلامية والجمهورية الإسلامية التي أسسها الإمام الخميني أن ترد على هذه الإشكالية. حيث اعتبرت أن الشريعة التي وضعت قوانين وأحكام ثابتة وقطعية في المجالات الفردية والاجتماعية، هي نفسها اعتبرت  بعض الأحكام متغيرة. فالأحكام الشرعية تنقسم إلى أحكام ثابتة وأحكام متغيرة. والاجتهاد هو التمييز بين الأحكام الثابتة والمتغيرة. وهي الأحكام التي تُعنى بزمان أو مكان معين وتتغير بتغيّر الظروف. لايمكن تعميم الأحكام المتغيرة على جميع الحالات، ولايمكن تطبيقها على الكل.

تبنّى الإمام الخميني نظرة أخرى لمعالجة هذه الإشكالية حيث اعتبر أنه يمكن المقارنة بين أهمية الوقائع المادية والدنيوية وأهمية المعايير والمحاسبات الأخروية والإلهية. بمعنى أن الشريعة تعتمد على الاجتهاد العقلاني والأخلاقي والصحيح لتنظيم الوقائع المادية على ضوء المعايير والمحاسبات الإلهية والماورائية. وإذا لم يمكن تطبيقها وفق المحاسبات الإلهية فلاتقع علينا مسؤولية، فنحن مسؤولون عما نقدر عله.

Powered by TayaCMS