الحكومة الدينية-3 (الحكومات الدينية ) الحكومات الدينية حسن رحیم پور ازغدی لقد شهد التاريخ أنواعا مختلفة من الحكومات باسم الدين ولكنها أساءت إلى الدين والمتدينين وأضرت بهم، ولكن في المقابل توجد حكومات دينية حقيقية قادها من كانوا أولياء الله حقا. ابتداء بحكومة داود وسليمان عليهما السلام إلى حكومة رسول الله في المدينة لمدة عشر سنوات وغيرهم. لقد كان الشيعة ولايزالون يتطلعون إلى حكومة أمير المؤمنين علي عليه السلام والتي امتدت قرابة خمس سنين، وينظرون إلى هذه الحكومة باعتبارها نموذجا يُقتدى به. ويعتبر الشيعة أن حكومة أمير المؤمنين قمة الحكومة الدينية الحقيقية وحاولوا على مرّ التاريخ أن يقتربوا إلى هذا النموذج قدر الإمكان. إن الكلام لايدور فقط عن وجود الحكومة الدينية أو عدمها. بل يمكن للحكومة أن تكون دينية أكثر فأكثر. يمكن للمجتمع أن يكون دينيا أكثر فأكثر. كما يمكن للإنسان أن يكون متدينا أكثر فأكثر. لاينبغي الاختيار بين المئة والصفر، بل ينبغي أن نصل إلى أعلى الدرجات لمصاديق الحكومة الدينية. إن الحكومة الدينية حكومة عقلانية، حكومة أخلاقية، حكومة شعبية، وحكومة داعية إلى العدالة، وكل هذه القيم تندرج تحت عنوان التوحيد. ولقد بيّن الإمام الخميني هذه القضية منذ البداية. صحيح أنه يمكن استغلال جميع القيم الإلهية وحتى القيم الإنسانية العادية، كما يتم استغلال مفاهيم كالإعمار، والحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية والقانون وكل شيء. وهي مازالت تُستغلّ. ولكن هذا لايعني أن نترك واجبنا، فترك الواجب ليس طريقا صحيحا لمواجهة التحريف والاستغلال. بل الطريق الصحيح يتمثّل في محاولة القيام بالواجب بطريقة أفضل إن المحاولة لتأسيس الحكومة الإسلامية في جميع أنحاء العالم الإسلامي محاولة بدأت منذ عقود وهي تستمر إلى اليوم وبدرجات مختلفة. ولكن الشعب الإيراني هو أول شعب استطاع أن يُطيحَ بنظام ملكي يعود تأريخه إلى ألفين وأربعمئة عام وذلك عن طريق ثورة شعبية ومليونية و عن طريق تقديم عشرات الآلاف من الشهداء وعن طريق المسيرات والمظاهرات الهادئة والسلمية ودون اللجوء إلى الحروب، لقد أطاح الشعب الإيراني بنظام الشاه الذي كان يتلقى الدعم المباشر من الولايات المتحدة وبريطانيا والكِيان الصهيوني والغرب والشرق. وعلى الرغم من تواجد عشرات الآلاف من المستشارين العسكريين من هذه الدول في إيران وسيطرتهم على البلاد إلا أن الشعب الإيراني استطاع أن يُسقط مثل هذه الحكومة. لقد حقق الشعب الإيراني أول تجربة ناجحة في تأسيس حكومة دينية، ولم يفعل ذلك عن طريق انقلاب عسكري أو حرب أو اشتباكات مسلحة، بل عن طريق ثورة شعبية وبمشاركة ملايين الناس في المسيرات التي عمَّت الشوارع. لقد تحققت في إيران أول تجربة ناجحة للحكومة الإسلامية في العصر الجديد وبعد انهيار الحضارة الإسلامية القديمة ، إنها الثورة باسم الله وفي سبيل الله. وللمرة الأولى كان علماء الدين في مقدمة الحِراك من أجل تأسيس حكومة كهذه.