تباعد بين الطرفین
أسامة الصياد
غزت العراق بقيادة صدام حسين دولة الكويت في العام 1990 واندلعت حرب الخليج الثانية، التي استعانت فيها السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية لتحرير الكويت، وهو الأمر الذي رفضه الإخوان المسلمين في مصر، وهو ما اعتبرته السعودية اصطفافًا بجوار صدام حسين معتبرين أن الإخوان أيدوا غزو العراق للكويت، وتبعهم في ذلك فروع الجماعة في البلدان العربية كالأردن وفلسطين واليمن والسودان، وهو الأمر الذي أحدث زلزال داخل جسد الجماعة الإقليمي حيث لم يكن جميع الفروع على رأي واحد في هذه المسألة.
ومن هنا بدأت تشعر السعودية بخيانة من جانب جماعة الإخوان المسلمين بعد أن تخلت عنها في هذا الموقف برفضها دخول قوات أجنبية إلى الأراضي العربية، وهو ما ترتب عليه توتر العلاقات بين الجانبين.
انعكس هذا التوتر على الأوضاع في مصر وبدأ نظام مبارك في شن حملات اعتقالات في صفوف الجماعة طوال فترة التسعينيات في المقابل صمتت السعودية على هذا الأمر.
وبدأت السعودية تدعم تيار السلفية العلمية وتتبناه بدلًا من تيار الإخوان المسلمين في مصر الذي يرى العمل في السياسة كأحد ثوابت دعوته وأصوله، بينما تم تدجين خطاب السلفية العلمية والحركية المدعوم من السعودية على خطاب تحريم الخروج عن الحاكم والهجوم الحاد على فكر جماعة الإخوان المسلمين ومحاولة البعد قدر الإمكان عن السياسة، وبذلك نجحت السعودية في إيجاد بديل لديها تعتمد عليه في نشر أفكارها وتطلعاتها بدلًا من الإخوان المسلمين الذين انتهى دورهم لدى المملكة في هذا التوقيت.
اتهمت السعودية تيار الإخوان المسلمين بالوقوف وراء ظهور تيارات فكرية داخلية في المملكة موالية لمواقفهم، وهو ما عدوه نقضًا لاتفاق سابق بين الطرفين، لكن هذا التيار الناشئ في الحقيقة كان متأثرًا بدعوة الإخوان المسلمين وفكرهم، ولم تقف الجماعة خلفه تنظيميًا كما تدعي السعودية.
حيث ظهرت تيارات السرورية و مشايخ الصحوة الإسلامية الذين بدأوا يتحدثون في السياسة بدلًا من الوعظ الدعوي، وهو خطاب أقرب إلى الإخوان المسلمين من غيره، وهو ما اعتبرته السعودية خطرًا داهمًا عليها، وقد ظهرت على إثر ذلك تيارات سياسية إسلامية أخرى داخل المملكة انتقلت بعضها إلى الفكر الجهادي الذي بدأ يغزو السعودية عقب الانتهاء من تحرير أفغانستان وطردها من الروس بمساعدة السعودية.
كل هذه العوامل بدأت السعودية تعزيها إلى الحركة الأم جماعة الإخوان المسلمين رغم أن السلطات السعودية ساعدت في تشكيل بعض هذه الظواهر بشكل مباشر، كإرسال الشباب السعودي للجهاد في أفغانستان، وبعد عودته يلصقون تحول فكره بالجماعة.
كما أن العلاقات الإيرانية السعودية كانت تزاد توترًا عامًا بعد عام وموقف جماعة الإخوان المسلمين من هذه التوترات لم يكن بقف بجانب السعودية كما تمنت، ولكنه كان متحدثًا دائمًا بلغة تضييق هوة الخلاف بين السنة والشيعة والتقريب بين المذاهب، بين فضلت السعودية الدخول في حرب طائفية صريحة متبنية فيها خطاب التكفير للشيعة متهمة إيران بالبعبث في أمن الخليج.
وتصاعد دعم المملكة العربية السعودية لنظام مبارك بشكل كبير الذي وضع الإخوان في خانة الجماعة المحظورة، واستقبلت السعودية على إثر ذلك مئات الآلاف من العمالة المصرية، وضخت السعودية استثمارات ضخمة لدى النظام في مصر باتت على إثره العلاقات بين النظامين أقوى علاقات ثنائية على مر تاريخ البلدين، كان النظام السعودي فيها عونًا لنظام مبارك في كافة كبواته لا سيما بالدعم البترولي السخي والمواقف المتماهية إقليميًا بشكل غير مسبوق.
ومن هنا ازدادت الهوة بين الجماعة والمملكة، وبدأ تصنيف الجماعة لدى المملكة يتغير ولكن سياسة الملك فهد لم تكن صفرية أمام الإخوان، حيث ضيق عليهم النشاط الجماعي داخل المملكة لكنه لم يحظر أنشطة الجماعة بشكل قضائي أو قانوني وترك هامش للحركة داخل التنظيم المصري في السعودية الذي ظل على اتصال بالتنظيم الأم في مصر.
بداية إعلان العداء السعودي
أطلق وزير الداخلية السعودي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز تصريحات ضد جماعة الإخوان المسلمين و قال: «جماعة الإخوان المسلمين أصل البلاء. كل مشاكلنا وإفرازاتنا جاءت من جماعة الإخوان المسلمين، فهم الذين خلقوا هذه التيارات وأشاعوا هذه الأفكار»
وعقب وفاة الملك فهد وصعود الملك الراحل عبدالله إلى الحكم بدأت المؤسسات السعودية الأمنية تنظر إلى الإخوان المسلمين بعين العداء الصرح، بعدما رفضت الجماعة البقاء في مربع التابع لسياسات المملكة، وهو ما صعد المواجهات بين الطرفين، حتى جاءت ثورات الربيع العربي بتغييراتها الدراماتكية اليت ألقت بظلالها على هذه العلاقة.