السبعينيات انفتاح في مصر والسعودية و الثورة الإسلامية الإيرانية
أسامة الصياد
توفي جمال عبدالناصر عام 1970 وخلفه نائبه محمد أنور السادات الذي استطاع حسم الصراع مع مراكز القوى التي خلفتها دولة ناصر، وقد كان لزامًا عليه جراء هذا الصراع أن يأخذ نهجًا مغايرًا لخط دولة يوليو 1952 التي أسسها عبدالناصر في صراعاتها الداخلية والخارجية.
تحسنت العلاقة شيئًا فشئ مع المملكة العربية السعودية التي ساندت مصر وقتها في الصراع العربي الإسرائيلي، وأراد السادات أن يُثبت أركان حكمه داخليًا على أنقاض حكم عبدالناصر، فتحرر من المعسكر السوفيتي رويدًا رويدًا، وبدأ في توجيه ضربات متتالية لخصومه من ذوي الأفكار الشيوعية والرواسب الناصرية.
فبرزت حاجة السادات إلى أيديولوجية يتكأ عليها في هذه المواجهة، فلم يجد أفضل من الأيديولجية الدينية ففعل دور الأزهر في المواجهة واستعان بالجماعات الدعوية الموجودة، وأفرج عن الإسلاميين المعتقلين في سجون عبدالناصر وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين التي خرجت تتحسس أولى خطواتها في ظل النظام الجديد.
أراد السادات أن يُطلق العنان لجماعة الإخوان المسلمين لتعيد تنظيم صفوفها من جديد، فخرج مرشدها الثاني حسن الهضيبي إلى السعودية في الحج والتقى بجموع الإخوان في الخليج هناك، وبدأت عملية الترتيب لإعادة إحياء التنظيم من السعودية بجانب مصر، لأن مركز ثقل الإخوان المهاجرين إلى الخارج كان في المملكة العربية السعودية.
انتهز الهضيبي فرصة الحج سنة 1973 فعقد أول اجتماع موسع لـ(الإخوان) في مكة المكرمة وكان هذا الاجتماع هو الأول من نوعه منذ محنة 1954، ونظرا لأن معظم (الإخوان) في الخارج قد هاجروا إلى منطقة الخليج والجزيرة العربية أو البلاد الأوروبية والأميركية فقد تركز عمل لجنة العضوية في تلك المناطق؛ فتشكلت لجنة الكويت، ولجنة قطر، ولجنة الإمارات، وثلاث لجان للسعودية في الرياض، وفي الدمام، وفي جدة".
وفي ذلك الوقت لبت هذه التنظيمات الإخوانية المصرية في الخليج الحاجة المالية لإخوان مصر لإعادة إحياء تنظيمهم، كون هؤلاء أتيحت لهم فرص الاستثمار والعمل وتكوين ثروات شخصية من التسهيلات المقدمة إليهم في العمل داخل الخليج لا سيما في المملكة العربية السعودية التي تشكل بها أكبر تنظيم إخواني مصري طبقًا لمصادر داخلية بالجماعة، والذي يُجبى منه أكبر عدد من الاشتراكات المالية حتى الآن.
أحدثت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الخميني عام 1979، شقًا في جدار العلاقة بين المملكة العربية السعودية وجماعة الإخوان المسلمين التي أبدت تأييدها للثورة الإيرانية، الأمر الذي لم ترض عنه السعودية مطلقًا بعد ظهور المسحة الطائفية الشيعية على الثورة.
فقد كان الإخوان من أوائل الوفود التي وصلت إلى طهران للتهنئة بنجاح الثورة الإيرانية وقتها، وبعد ذلك كان المرشد العام للجماعة حينها عمر التلمساني من أشد المتحمسين للثورة، إذ كتب مقالًا في مجلة الدعوة العدد 105 يوليو 1985 بعنوان ( شيعة وسنة) قال فيه: "التقريب بين الشيعة والسنة واجب الفقهاء الآن، ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة فاتصلوا بآية الله الكاشاني واستضافوا في مصر نواب صفوي".، وقال أيضًا: "وبعيدًا عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم، فما يزال الإخوان المسلمون حريصين كل الحرص على أن يقوم شيء من التقارب المحسوس بين المذاهب المختلفة في صفوف المسلمين". ربما كانت هذه أولى مراحل هبوط منحنى علاقة الجماعة بالسعودية.
وتتلخص هذه الفترة من العلاقة بين الطرفين في نجاح الإخوان المسلمين في استخدام المملكة العربية السعودية والإخوان المصريين المتواجدين على أراضيها في عملية إعادة إحياء التنظيم في مصر بالكوادر البشرية والتمويل اللازم لذلك من أموال الإخوان المصريين الذين نجحوا في تكوين ثروات من العمل في الخليج.
اقترب حسني مبارك من المملكة العربية السعودية أكثر، كون الطرفين أصبحا في كتلة المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية.
عانت مصر من مشكلات الإسلام السياسي الذي بدأت بعض جماعاته في التسلح ومواجهة الدولة، فكان التضييق على جماعة الإخوان المسلمين مع السماح لها بهامش حركة اجتماعية في النقابات والجامعات والعمل الأهلي الخيري.