اقرأ في هذا المقال

الثوار الايرانيين فتحوا صفحة جديدة في علاقتهم مع العالم السني بعد انتصار الثورة الاسلامية

الفكر الوحدوي عامل الالتقاء الاهم2- (الفكر الوحدوي فی الثورة الاسلامية)

الفكر الوحدوي فی الثورة الاسلامية

عباس خامه يار

والطريق الوسط الذي ندعو إليه هو طرح الاسلام بصورة عامة و توجيه الناس نحو الأهداف العامة للاسلام و طرح الأهداف الوطنية التي تجمع فئات المجتمع حولها. و ليس هدفنا من هذا الأسلوب ان نبعد الشيعة عن خصائصهم المذهبية، إنما هو تكوين تيار شيعي معتدل يساعد علي الوصول إلي الإهداف الإساسية المذكورة عن طريق تثبيت عناصر عقائدية مشتركة بين الجانبين. فهي السبيل الإفضل لرأب الصدع و ترسيخ أسباب الوحدة إلي أبعد الحدود. و نحن نعتقد ان الظهور بمظهر العداء للشيعة و استفزازهم في عقيدتهم لن يكون في مصلحة هذه الدعوة، فمثل هذا الأسلوب سيحد من عمل المسلمين و يخنق أصواتهم بالطائفية و يقطع عليهم سبل التوسع بدعوتهم في صفوف المجتمع. ولن يثمر هذا الأسلوب الذي ندعو إليه في فترة قصيرة، فالبدع و الانحرافات العميقة الموجودة في المجتمع الشيعي واصلاحها في سبيل تحقيق الأهداف المطلوبة تتطلب صبراً و مثابرة.

و هذا الاعتدال لا يعني القول بسلامة معتقداتهم من البدع أو الثقة الكاملة بكل ما يصدر عنهم، و ذلك لوجود مبدأ التقية عندهم، و من ثم يجب ان يقترن هذا المنهج بتوعية الأفراد بحقيقة المذهب الشيعي و الفوارق الرئيسية بينهم و بين أهل السنة.

ان منهج الاعتدال مبني علي الرأي الشرعي في عدم تكفير الشيعة، فأئمة أهل السنة، كالإمام أحمد و ابن تيمية، قد صرحا بعدم كفر هم علي الرغم من وضوح معتقداتهم عندهما، و أخصها القول بأن النبي (صلي الله عليه و سلم) قد نصّ علي خلافة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) من بعده بنص قاطع، و انه إمام معصوم من خالفه فقد كفر، و ان المهاجرين و الأنصار كتموا هذا النص و بدلوا في الدين و غيروا في الشريعة أو كفروا إلا قليلاً منهم.

جعلت الحركة الشيعية استراتيجيتها قائمة علي أساس الدعوة إلي الوحدة و الابتعاد عن أي نوع من الصراع المذهبي علي الرغم من كل الضغوط و المؤامرات التي تواجهها من عملاءالاستعمار، ويبدو هذا الأمر جلياً من خلال العلاقة الوثيقة التي قامت بين آية الله كاشاني و آية الله القمي و نواب صفوي من جهة، و بين بعض علماء  الأزهر و مؤسسي جماعة الاخوان المسلمين من جهة أخري، و سيأتي تفصيل ذلك فيما بعد.

و كان زعيم الحركة الشيعية الأبرز الامام الخميني سباّقاً في هذا المجال، إذ دأب علي مواجهة عناصر التفرقة و فضح أساليبهم. و هو يعتقد «ان الايادي القذرة التي تثير الخلافات بين السنة و الشيعة ليست سنية و لاشيعية، بل هي أيادي الاستعمار تسعي لانتزاع البلاد الاسلامية من أهلها».

و لم يتغير هذا الموقف الذي أطلقه الامام الخميني قبل خمس عشرة سنة من تسلمه السلطة، بل ظل يردد قائلاً «نحن نعلن أخوتنا لاخواننا السنة، فاعداء الاسلام هم الذين يريدوننا ان نختلف مع اخواننا»، «اننا لانختلف مع المسلمين السنة، فنحن مسلمون و اخوة، و إذا كان هناك من يتكلم بكلام يبعث علي تفريق المسلمين، فاعلموا انه إما ان يكون جاهلاً أو من الذين يريدون ان يفرقوا بين المسلمين. فليس هناك شيعة أو سنة، بل نحن كلنا اخوة».

و يقول في موضع آخر: «في الجمهورية الاسلامية، جميع الاخوان السنة والشيعة يقفون إلي جانب بعضهم، فكلهم اخوة و متساوون في حقوقهم».

والواقع ان الثوار الايرانيين فتحوا صفحة جديدة في علاقتهم مع العالم السني بعد انتصار الثورة الاسلامية و حرصوا علي تطبيق نظرياتهم و أفكارهم الوحدوية، و خطوا في ذلك خطوات علي قدر كبير من الأهمية و اختصروا جهود قرن في أيام.

و قد خطت الحركة الشيعية في ايران خطوات مهمة علي صعيد الوحدة، و أبرزها:

  1. اغتنام ذكري ولادة الرسول (ص) و اعلان أسبوع الوحدة بهذه المناسبة
  2. تقديم المساعدة لمئات المؤسسات الاسلامية و الهيئات الثقافية التابعة لأهل السنة، و تأسيس الجمعيات و اللجان الاسلامية في خارج البلاد، و احياء مجمع (دارالتقريب بين المذاهب الاسلامية).
  3. الاهتمام بالمناطق والمحافظات السنية في البلاد، و تأسيس ودعم الحوزات و المدارس الدينية السنية كالمركز الاسلامي الكبير في سنندج و فروعه السبعين.
  4. تغيير الكتب الدراسية و مراعاة (الثقافة الاسلامية و التعليمات الدينية) الخاصة بأهل السنة، و خصوصاً فيما يتعلق بالخلفاء الراشدين و الصحابة و الامامة و مسألة الخلافة.
  5. و أخيراً تقدير الكثير من الشخصيات المفكرة و المجاهدة السنية و تسمية الكثير من المدارس و المراكز التعليمية و الثقافية و الشوارع و الأماكن العامة باسمائهم كالشيخ محمود شلتوت و سيد قطب و حسن البنا و الشيخ عبدالحميد كشك و خالد الاسلامبولي و سليمان خاطر.

 

Powered by TayaCMS