الحكومة الدينية-1 (هل لحكومة الدينية معني في العصر الحاضر؟ ) هل لثورة الدينية والحكومة الدينية معنى في العصر الحاضر؟ حسن رحیم پور ازغدی هناك تساؤلات أخرى عن إمكانية تأسيس الحكومة الدينية في العصر الحاضر وكانت مجموعة من التساؤلات تعتقد بأنه لايمكن الجمع أصلا بين طبيعة الدين وطبيعة الحكومة وحتى النشاطات السياسية و ايضا لو قبلنا بأن الثورة الدينية والحكومة الدينية لها معنى في العصرالحاضر وحتى لو قبلنا بأنها أمر جائز وممكن، حتى لو قبلنا بأن لها معنى وأنها أمر ممكن وجائز شرعا، فهي محاولة يائسة ولها أعداء كثيرون يُعرقلون مسيرها ولايسمحون لها بالازدهار والتقدم، وهذا سيؤدي عمليا إلى التشكيك في أداء الدين وأحكامه. وذلك لأننا كثوّار والذين يتولون الحكم بعد انتصار الثورة، قد نرتكب بعض الأخطاء وهذا سيثير المزيد من الحساسيات لدى الناس والرأي العام والمسلمين وغير المسلمين، حيث إنهم في الماضي كانوا ينظرون إلى الإسلام والمسلمين بتساهل ومن دون حساسيات سلبية. ولكنهم بعد هذه الإخفاقات سيأخذون انطباعا سيئا وأسود عن أصل الثورة وأصل الدين، وخاصة الثورة الدينية والحكومة الدينية. كان من الطبيعي أن نواجه كثيرا من هذه التساؤلات والتحديات، سواء من قبل التيّارات غير الدينية كالماركسيين الذين كانوا يخالفون أصل الدين وكذلك من قبل الليبراليين وأصحاب التوجهات الغربية، فرغم أنهم لا يعتبرون الدين أفيون الشعوب ولكنهم يعتبرونه أمرا شخصيا يتعلق بحياة الإنسان الخاصة. وكذلك من قبل القوميين العَلمانيين في إيران ممن كانوا يتبنّون القومية الفارسية ويطمحون إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية القديمة، وبالطبع كانوا من المعارضين لفكرة الحكومة الدينية والإسلامية وما كانوا يعتقدون بها. وكانت هناك توجهات معارضة بين الفئات المتدينة وحتى بعض رجال الدين الشيعة ممن كانوا يعتقدون بحرمة إقامة حكومة باسم الدين في عصر غيبة الأنبياء وأهل بيت النبي والأئمة المعصومين (سلام الله عليهم)، وكانوا يعتقدون بأن أي محاولة لتأسيس حكومة باسم الدين في عصر غيبة المعصوم لايجوز شرعا وفي هذا العهد نحن مكلفون بالواجبات العبادية والفردية فقط إلى أن يظهر المهدي المنتظر من آل الرسول. لقد قام الإمام الخميني والثورة الإسلامية من منطلقات شيعية وانطلقت الثورة في إيران ولكنها لم تعتبر نفسها ثورة مذهبية وطائفية تخصّ الشيعة، ولم تعتبر نفسها ثورة قومية إيرانية تخصّ إيران. فقد تحدث الإمام الخميني منذ البداية عن حرية الأمة الإسلامية ووحدتها وتكوين الحكومة الإسلامية الواحدة والأمة الإسلامية الواحدة في جميع أنحاء العالم. ودعا إلى تحرير المسلمين من هيمنة الكفار وهيمنة الحكام الظالمين الذين يتظاهرون بالإسلام. صحيح أن البعد الفردي يُعتبر جزءا مهمّا من الدين ولكنه لاينحصر على هذا البعد الشخصي والفردي، فالدين يشتمل على أحكام شرعية فردية واجتماعية، كما أنه يشتمل على الأخلاق وتهذيب الإنسان وتربيته. ويشتمل أيضا على العقائد والمعارف والوعي. وهذه الأضلاع الثلاثة أي العقائد والأخلاق والأحكام لاتنحصر على عهد رسول الله وأهل بيته وصحابته في صدر الإسلام، سواء ما يتعلق بالجانب الفردي أو الاجتماعي. بل إنها سبيل نجاة البشرية في كل زمان. وبالتالي فإن تعطيل الأحكام الإسلامية الاجتماعية والحكومية يُعتبر تعطيلا تعسفيا للشريعة أو ادعاء بنسخ وإلغاء أكثر الأحكام الإلهية أو يعتبر تعاملا انتقائيا مع القرآن والسنة أي إنه يعني الإيمان ببعض أحكام الإسلام والكفر ببعضها.